وقد ضرب الله مثلا في قصة اعجاب ابنة شعيب بموسى عليه السلام على الحب كمشاعر تلامس القلوب , فكانت نتيجته تعريضها بشمائله و عرض والدها الزواج على موسى عليه السلام , فأنفق من عمره الشريف عشر سنين في سبيل حبه لها, فلولا أن الحب من أغلى الأشياء, لما ذهب كثير من زمن النبياء فيه .
وقد جاء تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم لهذا المفهوم بأن نار الحب إذا اشتعلت لا يطفؤها إلا النكاح وذلك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
(لم ير للمتحابين مثل النكاح) ابن ماجة (1847)
ولذلك لم يحتمل النبي صلى الله عليه وسلم السكوت عندما شاهد المتيم مغيث يقابل بالصد والهجران من بريرة فكان صلى الله عليه وسلم راحما بالمحبين شافعا لهم, وهذا نص الحديث:
قصة بريرة ومغيث :
عن ابن عباس رضي الله عنه ( أن زوج بريرة كان عبدا يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس : يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو راجعتيه . قالت : يا رسول الله أتأمرني؟ قال: إنما أنا شافع , قالت: لاحاجة لي فيه ) البخاري (5283).
ويقول ابن عباس :( ذاك مغيث عبد بني فلان - يعني زوج بريرة- كأني أنظر إليه يتبعها في سكك المدينة يبكي عليها ) البخاري (5281)
قصة أبوبكر والجارية :
وهذا الصديق أبو بكر رضي الله عنه يمر في خلافته بطريق من طرق المدينة . فإذا جارية تطحن برحاها وتقول :
وهويته من قبل قطع تمائمي متمايسا مثل القضيب الناعم
وكأن نور البدر سُنَّة وجهه ينمي ويصعد في ذؤابة هاشم
فدق عليها الباب فخرجت إليه فقال ويلك أحرة أنت أم مملوكة ؟!
فقالت : بل مملوكة يا خليفة رسول الله . قال فمن هويت ؟! فبكت ثم قالت : بحق الله عليك إلا انصرفت عني . قال : لا أريم أو تعلميني.
فقالت :
وأنا التي لعب الغرام بقلبها فبكت لحب محمد بن قاسم
فصارأبو بكر إلى المسجد وبعث إلى مولاها فاشتراها منه , وبعث إلى محمد بن القاسم بن جعفر بن أبي طالب وقال : هؤلاء فِتَنُ الرجال . وكم مات بهن من كريم , وعطب عليهن من سليم .
قصة المحب مع علي :
أُتيَ علي بن أبي طالب رضي الله عنه بغلام من العرب وجد في دار قوم بليل فقال له:
ما قصتك ؟ فقال : لست بسارق , ولكني أصدقك :
تعلقت في دار الرباحـــي خَـــــودة يدل لها من حسنها الشمس والقمر
لها من نبات الروح حسن ومنصب إذا افتخرت بالحسن صدقها الفخر
فلما طرقت الدار من حب مـــهجة أتيت وفيـها من توقدهـــا جــمـــر
تبادر أهل الدار لــي ثم صَيَّــحــوا هو اللص محتوم له القتل والأسر
فلما سمع علي شعره رقَّ له وقال للمهلب بن رباح : اسمح له بها نعوضك منها. فقال يا أمير المؤمنين سله من هو لنعرف نسبه ؟
فقال: النهاس بن عيينة العجلي . فقال: خذها فهي لك .
قصة البدوي العاشق :
ومن غرائب القصص ما ذكر أن المهدي خرج إلى الحج حتى إذا كان في السفر يتغدى فأتى بدوي فناداه : يا أمير المؤمنين, إني عاشق!!!! ورفع صوته .
فقال للحاجب ويحك ما هذا؟!
قال : إنسان يصيح إني عاشق !
قال أدخلوه . فأدخلوه عليه فقال : من عشيقتك ؟
قال ابنة عمي .
قال: أولها أب ؟
قال: نعم,
قال: فما له لا يزوجك إياها ؟!
قال:ها هنا شيء يا أمير المؤمنين
قال : ما هو ؟
قال: إني هجين.
قال له المهدي : فما يكون ؟
قال: إنه عندنا عيب . فأرسل المهدي في طلب أبيها فأتي به ,
فقال : هذا ابن أخيك ؟
قال : نعم .
قال : فلم لا تزوجه كريمتك؟
فقال له مثل مقالة ابن أخيه . وكان من ولد العباس وعنده جماعة .
فقال : هؤلاء كلهم بنو العباس وهم هجن ما الذي يضرهم من ذلك ؟
قال : هو عندنا عيب.
قال : زوجه إياها على عشرين ألف درهم , عشرة آلاف للعيب , وعشرة آلاف مهرها .
قال : نعم.
فحمد الله وأثنى عليه زوجه إياها . فأتى ببدرتين فدفعهما إليه , فأنشأالشاب
يقول:ابتعت ظبية بالغلاء وإنـمـــــــا يعطي الغلاء بمثلها امثــــالـــي
وتركت أسواق الصباح لأهلها إن الصباح وإن رخصن غوالي
فالحب الذي يبقى مقيدا بلجام العفاف والتقوى لا حرج فيه , وسبيله الوحيد النكاح كما أخبر الحبيب صلى الله عليه وسلم
قصة الطفيل وزوجته :
دخل الطفيل في الإسلام فأتت إليه زوجته لتقرب منه فمنعها وقال : إليك عني فلست منك ولست مني .
قالت ولم؟! بأبي أنت وأمي , فقلت: فرق بيني وبينك الإسلا م,فقد أسلمت , وتابعت دين محمد صلى الله عليه وسلم
قالت: أنا منك وأنت مني , وديني دينك فأسلمت
.سير أعلام النبلاء (جـــ1ص248-250),الإصابة(جــــ2ص225)
هكذا يكون جواب المحب لحبيبه , (أنا منك وأنت مني) ولكنه حب موصول بفاطرالسماوات والأرض , خالق الحب ورازقه .
هل تعرفون من هي صاحبة أغلى مهر في العالم؟!
أظنكم فكرتم بأشهر الشخصيات العالمية كالأميرات والممثلات والمغنيات.
لكم الحق في ذلك !!هكذا أعتدنا التفكير لأن صورة الحب أمامنا هكذامعاييره.
ولكن أصحاب الحب الحقيقي عرفوا من تكون, ترى من تكون؟!
فإلى رحاب القصة :
أم سليم وأغلى مهر في العالم :
توفي زوج الرميصاء بنت ملحان المكناة (أم سُليم)
وبعد انتهاء عدتها , تقدم لخطبتها (يزيد بن سهل) المكنى أبو طلحة , ولكنها رفضته.......لماذا؟
أعتقد هو أنها تريد الذهب والفضة .
فسألها : هل تريدين الأصفر والأبيض ؟
فقالت : بل إني أشهدك يا أبا طلحة , وأشهد الله ورسوله انك إن أسلمت رضيت بك زوجا من غير ذهب وفضة , وجعلت إسلامك إيَّ مهراً.
قال: من لي بالإسلام ؟
قالت : أنا لك به.
فقال: كيف؟
قالت: تنطق بكلمة الحق, فتشهد أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله, ثم تمضي إلى بيتك فتحطم صنمك ثم ترمي به .
فانطلقت أسارير أبي طلحة.......
وقال: أشهد أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله.
الإصابة(جـــ1ص566) , الطبقات الكبرى(جـــ3ص504)
الإسلام , هو أغلى مهر حصلت عليه امراة .
فهل أغلى من ذلك ؟ هنيئاً لأم سُليم مهرها الذي سطر تاريخا يتداول على الألسن , ويكفيها تشريفا أن يقول المسلمون :
(ما سمعنا بمهر قط كان أكرم من مهر أم سُليم) .
هكذا حب كيف يُنسى؟!
فمن قال انني احب وينوي فيه زواج ونكاح على سنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وسعادة في الدنيا مع زوجة صالحه لتكون له جنة الدنيا وأذكركم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة ) فهنيئا له حُبه فسيكون له عونا على طاعة الله عز وجل , ومن كان حبه فقط باللسان لا ينوي به زواج وستر فهذا الحب المحرم .
ولنتدبر قول الله عز وجل :(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) .
والله تعالى أعلم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق