الاثنين، 21 فبراير 2011

............ الثورة البلشيفية

الثورة البلشيفية
مقدمة
يبدأ تاريخ الحركة الثورية في روسيا، والذي كانت الاشتراكية أحد عناصره، بحركة الديسمبريين، وهي حركة قام بها شباب النبلاء في عام 1825، دون إعداد كاف، ومن ثم قُضي عليها بسهولة، لكن أفكار الديسمبريين السياسية ظلت أهدافاً دستورية للحركة، وهي: ملكية دستورية. حريات مدنية. مجلس تشريعي منتخب. أمَّا الأغلبية فكانت من ذوي الاتجاهات السياسية المتطرفة، وكان اهتمامها بالإصلاح الاجتماعي أكثر من اهتمامها بالحرية، كانت تريد قلب نظام الحكم الملكي وإقامة حكومة جمهورية قوية تحقق الإصلاح الاجتماعي.

ومنذ ذلك الحين أصبح محور الصراع الثوري في روسيا هو أيهما أهم وأسبق: الاشتراكية أم الحرية؟. وحدد التكوين الاجتماعي للشعب الروسي، وظروف أوروبا الغربية، الإجابة على هذا السؤال.

كان الفلاحون يمثلون الأغلبية الساحقة من السكان، وكان نصف هؤلاء الفلاحين من المستعبدين التابعين لملاك أفراد. وكانوا أميين وبدائيين، ولم تكن قضيتهم هي قضية القيصر أو الدستور، لأن أعداءهم كانوا ملاك الأرض الزراعية وموظفي الحكومة. كان مطلبهم الرئيسي هو الحصول على الأرض والتخلص من البؤس، لا التمتع بالحرية الفردية.



ومن ناحية أخرى، فإن مثقفي روسيا الذين أتيحت لهم فرصة زيارة دول أوروبا الغربية، ودراسة أحوال فرنسا وإنجلترا بصفة خاصة، هالهم ما لمسوه من مظالم الرأسمالية الفيكتورية في إنجلترا، أو الحكم البونابرتي في فرنسا؛ فقرر معظمهم أنه لا ينبغي لروسيا أن تأخذ طريق الثورة الرأسمالية والمؤسسات الفردية، وإنما لابد لها أن تتبع طريقاً خاصاً بها، هو طريق الاشتراكية، فنادوا بالاشتراكية بمختلف درجاتها واتجاهاتها، اقتناعاً منهم أنه لا حرية دون توافر أسباب الحياة المعاشية للناس.

وعندما اختارت روسيا طريق الاشتراكية كان عليها أن تختار الوسيلة، التي تحقق بها سلطة الاشتراكيين، وتنجز بها الأهداف الاشتراكية. فعمدت إلى تأسيس حزب ثوري، موحد الهدف والأسلوب والنظام، يتبنى قضايا الشعب ويدافع عنها، ويؤمن بأن إقامة سلطة الشعب العامل هي الشرط المسبق والضمان الوحيد لتحقيق التغيرات الاجتماعية المطلوبة.

أما عن نشأة الحزب الثوري، فيرجع الفضل في صياغة فكرته إلى المفكر الروسي تكاتشيف (1844 ـ 1885)، الذي كان أول من درس هذه الفكرة، ودرَّسها لجيل كامل من الثوريين، ومن بينهم لينين. ثم بذل لينين جهوداً كبيرة في سبيل صياغة نظرية الحزب الثوري صياغة أبعد، باعتبار مثل هذا الحزب، ذي الأيديولوجية الاشتراكية العلمية والبرنامج السياسي الواضح واللائحة التنظيمية، أداة جماهير الشعب العامل للاستيلاء على السلطة، وإحداث التغيرات الاجتماعية الثورية، والنضال دفاعاً عن الاشتراكية تحت كل الظروف.

تميزت ثورة نوفمبر الاشتراكية، بعد أن نجحت في إقامة دولة عظمى هي الاتحاد السوفيتي، بأنها كسرت حلقة هامة في سلسلة النفوذ الاستعماري الدولي، فأتاحت للكثير من الأمم والشعوب الخاضعة للاستعمار فرصة التحرر الوطني.

وكم من الأحلام والآمال أثرتها تلك الثورة الاشتراكية في نفوذ البسطاء في جميع أنحاء العالم. وكم من الطاقات المكبوتة أطلقتها، وكم من الضحايا دفعوا حياتهم وحرياتهم دفاعاً عن مبادئ الاشتراكية.

إن الأيام العشرة التي استغرقتها عملية الاستيلاء على السلطة في روسيا عام 1917، هزت العالم كله من جذوره، وأوجدت قيماً ومعايير جديدة للحياة والإنسان، وأثرت التاريخ بالعديد من التجارب العنيفة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق